ما هو المخصص؟

تعريف المخصص

المخصص هو مبلغ يتم احتجازه أو تجنيبه من أرباح الشركة لمواجهة خسائر أو التزامات محتملة أو محققة في المستقبل. يُعتبر من أهم المفاهيم في المحاسبة المالية والإدارة المصرفية، حيث يلعب دوراً حيوياً في ضمان الاستقرار المالي للمؤسسات وحماية حقوق المساهمين والدائنين.

المفهوم المحاسبي للمخصص

في النظام المحاسبي، يمثل المخصص تطبيقاً عملياً لمبدأ الحيطة والحذر، وهو أحد المبادئ المحاسبية الأساسية التي تقتضي الاعتراف بالخسائر المحتملة قبل تحققها الفعلي. عندما تتوقع الشركة خسارة أو التزاماً مستقبلياً، فإنها تقوم بتكوين مخصص لمواجهة هذه الخسارة، مما يضمن عدم المبالغة في الأرباح المعلنة ويعكس الوضع المالي الحقيقي للمؤسسة.

يتم تسجيل المخصص كمصروف في قائمة الدخل، مما يقلل من صافي الربح للفترة المحاسبية، وفي نفس الوقت يظهر كالتزام في الميزانية العمومية أو كتخفيض من قيمة الأصل المرتبط به. هذه المعالجة تضمن التوافق مع مبدأ المقابلة في المحاسبة، حيث يتم ربط المصروفات بالإيرادات في نفس الفترة المحاسبية.

أنواع المخصصات

تتنوع المخصصات حسب الغرض منها وطبيعة النشاط التجاري للمؤسسة. فهم هذه الأنواع المختلفة ضروري لتطبيق المعالجة المحاسبية الصحيحة واتخاذ القرارات المالية السليمة:

1. مخصص الديون المشكوك في تحصيلها

هذا من أكثر أنواع المخصصات شيوعاً في الشركات التجارية، حيث يتم تكوينه لمواجهة الخسائر المتوقعة من عدم قدرة العملاء على سداد مستحقاتهم. يتم حساب هذا المخصص عادة كنسبة مئوية من إجمالي حسابات المدينين أو من المبيعات الآجلة، بناءً على الخبرة التاريخية للشركة وتحليل المخاطر الائتمانية.

2. مخصص الاستهلاك

يُكون هذا المخصص لتوزيع تكلفة الأصول الثابتة على فترات استخدامها المقدرة. الهدف منه هو مقابلة إيرادات كل فترة محاسبية بالجزء المناسب من تكلفة الأصول المستخدمة في توليد هذه الإيرادات، مما يضمن قياساً دقيقاً للربحية.

3. مخصص مكافآت نهاية الخدمة

تكون الشركات هذا المخصص لمواجهة التزاماتها تجاه الموظفين عند انتهاء خدمتهم. يتم حساب هذا المخصص بناءً على رواتب الموظفين وسنوات خدمتهم وأحكام قانون العمل المعمول به في البلد.

4. مخصص الضرائب

يُكون لمواجهة الالتزامات الضريبية المقدرة للشركة، خاصة عندما تكون هناك خلافات مع السلطات الضريبية أو عند عدم الوضوح حول المبلغ الدقيق للضريبة المستحقة.

طرق حساب المخصصات

1. الطريقة النسبية

تعتمد هذه الطريقة على تطبيق نسبة مئوية ثابتة على أساس معين مثل المبيعات أو حسابات المدينين. هذه النسبة تُحدد عادة بناءً على الخبرة التاريخية للشركة والمعايير السائدة في الصناعة. رغم بساطة هذه الطريقة، إلا أنها قد لا تعكس الوضع الفعلي للمخاطر في كل فترة محاسبية.

2. طريقة التحليل الفردي

في هذه الطريقة، يتم دراسة كل حالة على حدة لتقدير مبلغ المخصص المطلوب. هذا النهج أكثر دقة ولكنه يتطلب وقتاً وجهداً أكبر، وهو مناسب للمبالغ الكبيرة أو الحالات المعقدة. البنوك عادة تستخدم هذه الطريقة للقروض الكبيرة أو المتعثرة.

3. الطرق الإحصائية المتقدمة

مع تطور التكنولوجيا والبيانات الضخمة، بدأت المؤسسات المالية في استخدام نماذج إحصائية معقدة لحساب المخصصات. هذه النماذج تأخذ في الاعتبار عوامل متعددة مثل الظروف الاقتصادية، خصائص العملاء، وتاريخ السداد لتقدير احتمالية التعثر بدقة أكبر.

تأثير المخصصات على القوائم المالية

المخصصات تؤثر بشكل مباشر على جميع القوائم المالية الأساسية للشركة. في قائمة الدخل، تظهر المخصصات المكونة خلال الفترة كمصروفات تقلل من صافي الربح، مما يؤثر على مؤشرات الربحية مثل العائد على الأصول والعائد على حقوق الملكية.

في الميزانية العمومية، تؤثر المخصصات على كل من الأصول والخصوم. مخصصات مثل الاستهلاك والديون المشكوك فيها تقلل من قيم الأصول، بينما مخصصات أخرى مثل مكافآت نهاية الخدمة تظهر كالتزامات. هذا التأثير يمتد إلى جميع النسب المالية المرتبطة بالميزانية مثل نسب السيولة والرافعة المالية.

بالنسبة لقائمة التدفقات النقدية، المخصصات لها تأثير مميز حيث أنها مصروفات غير نقدية في وقت تكوينها. لذلك يتم إضافتها مرة أخرى إلى صافي الربح عند حساب التدفقات النقدية التشغيلية، بينما الاستخدام الفعلي للمخصص يؤثر على التدفقات النقدية.

إدارة المخصصات والرقابة عليها

إدارة المخصصات تتطلب توازناً دقيقاً بين الحيطة والحذر من جهة وتجنب المبالغة في التقديرات من جهة أخرى. المبالغة في تكوين المخصصات قد تؤدي إلى تخفيض مصطنع في الأرباح، مما يضر بحقوق المساهمين ويؤثر على قيمة الشركة السوقية. من ناحية أخرى، عدم كفاية المخصصات يعرض الشركة لمخاطر مالية ويضلل المستثمرين حول الوضع المالي الحقيقي.

لضمان دقة المخصصات، تضع الشركات سياسات وإجراءات واضحة لتكوين ومراجعة المخصصات بانتظام. هذه السياسات تشمل معايير التقدير، مستويات الموافقة المطلوبة، وآليات المراجعة الدورية. كما تتطلب معايير المحاسبة الدولية إفصاحات تفصيلية عن المخصصات في القوائم المالية وإيضاحاتها.

هذا التغيير يهدف إلى تحسين الشفافية والاستقرار المالي من خلال الاعتراف المبكر بالخسائر المحتملة. المعيار يتطلب استخدام معلومات مستقبلية ونماذج احتماليه معقدة لتقدير الخسائر المتوقعة، مما يجعل عملية حساب المخصصات أكثر تعقيداً ولكن أكثر دقة.

أهمية المخصصات في اتخاذ القرارات

المخصصات تلعب دوراً حاسماً في اتخاذ القرارات المالية والاستراتيجية للمؤسسات. بالنسبة للإدارة، المخصصات توفر صورة واقعية عن التزامات الشركة ومخاطرها المالية، مما يساعد في تخطيط السيولة وإدارة المخاطر واتخاذ قرارات الاستثمار والتوسع.

بالنسبة للمستثمرين والمحللين الماليين، مراجعة سياسات المخصصات وتطورها عبر الزمن يوفر نظرة عميقة على جودة إدارة الشركة ومدى تحفظها في التقديرات المالية. التغيرات المفاجئة في المخصصات قد تشير إلى مشاكل في النشاط التجاري أو تغيرات في المخاطر التشغيلية.

إحجز جلسة العرض التوضيحي لبرنامج ميزان المحاسبي

أفضل برنامج محاسبي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة

بنتواصل معك خلال 24 ساعة لجدولة الجلسة